يعيش قطاع غزة فترة صعبة مع تزايد المعاناة المعيشية للمواطنين، جراء تدهور الخدمات وعدم وجود وظائف وتورط القطاع في حروب مستمرة مع إسرائيل، لكن حماس يمكن أن يكون لديها فرصة لتحسين الوضع بعض الشيء إذا ما أرادت ذلك.
وفي تقرير نشره موقع “رليف ويب” التابع للأمم المتحدة، فإن المواطنين وأصحاب المصلحة في قطاع غزة يحاولون التكيف مع الأضرار المتكررة للبنية التحتية التي يتم تدميرها خلال التصعيد، وكذلك تحديات إعادة بناء القطاع وتشغيل الإنتاج بسبب سيطرة إسرائيل على الواردات والصادرات، بالإضافة إلى الاحتياجات المتزايدة المرتبطة بها وانخفاض رفاهية السكان. لكن الأهالي في غزة غير قادرين على التكيف مع الوضع الحالي، بسبب الضعف الاقتصادي، وتدهور الدخل للقطاع والصراعات غير المتوقفة مع إسرائيل.
ونتيجة لسياسات حماس المتبعة والتصعيد المستمر مع إسرائيل، فإن أكثر من ٥٠٪ من الشعب في قطاع غزة بدون عمل، وجزء كبير يصل إلى ٧٠٪ يعانون من غياب الأمن الغذائي. هذا الوضع زاد من الاتهامات تجاه حماس، بأنها المسؤولة عن هذا الوضع الكارثي وأنها تريد أن المواطنين في قطاع غزة يعانون، حتى تستمر في التحكم فيهم وتحقيق غايات سياسية.
ومن جانبها، أوضحت مجلة “موزايك مجازين”، أن حركة حماس أمامها فرصة لتحقيق تنمية داخلية في قطاع غزة ودفع العديد من القطاعات مثل الصناعات الجديدة ومحطات الطاقة ومحطات تحلية المياه، لكن شريطة أن تركز الحركة على تنمية القطاع أكثر، والعمل على الاستثمار المحلي.
وتابعت المجلة أن أيضا أحد أهم العناصر لتنمية قطاع غزة هو إبقاء القطاع بعيدا عن الضربات الإسرائيلية، وتجنب أي استفزازات أو تصعيد، لأن القطاع والبنية التحتية والمواطنين هم من يدفعون الثمن الأكبر.
تشير المجلة إلى أن الضربات الإسرائيلية المتتالية للقطاع والتصعيد المستمر، يدفع الكثير من المستثمرين أو أصحاب المصالح ورؤس الأموال إلى عدم القيام بأي مصالح أو استثمارات أو مشروعات جديدة في القطاع، والتي يمكن أن تتعرض للضرب لاحقا، فهذا المناخ المتوتر في القطاع يقف حائلا ضد أي مشروع اقتصادي أو صناعي يمكن أن يشكل دفعة إلى الأمام في قطاع يعاني من غياب الخدمات والفقر الشديد.
تبين المجلة أنه على حماس أن تستفيد من تجربة حزب الله اللبناني في جنوب لبنان، إذ أوقف جميع المشاحنات مع إسرائيل خلال الأعوام الماضية، وهو ما أبعد هذا الجنوب عن أي ضربات إسرائيلية، وكان الأمر له ثمنه، إذ يشعر المواطنون في الجنوب بكثير من الأمان، وأن لديهم مناخ يسمح بإقامة المشروعات والأنشطة الاقتصادية، وقد حافظ هذا الوضع على اقتصاد الجنوب إلى حد ما رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان.
تشير اللجنة إلى أن هذا التحول في سياسة حماس، من أجل تحقيق رفاهية القطاع ينبغي أن يحدث في الوقت الحالي، في ظل التدهور غير المتوقف للظروف المعيشية للمواطنين، الأمر الذي قد يكود إلى مزيد من الإنهاك للمواطنين وقدرتهم على التكيف، موضحة أنه على حماس أن تدرك أن المواطنين في القطاع يدفعون ثمنا باهظا من التوترات المستمرة، مع سقوط مئات القتلى والشهداء الفلسطينيين خلال الأعوام الماضية.
ففي شرق القطاع يمكن أن يقام مشروعات صناعية توفر آلاف الوظائف للمواطنين، لاسيما وأن هناك الكثير من الأراضي خالية، لكن هذا يستلزم زيادة التنسيق مع إسرائيل والتفاوض لمزيد من الدعم والسماح لمرور مواد البناء. والأهم من ذلك، التوصل لتهدئة شاملة مع إسرائيل حتى لا تتعرض هذه المناطق الجديدة للضربات في حالة وقوع توترات بين الطرفين.
وبحسب المجلة، يمكن قطاع غزة أن يستوعب ويشغل العديد من الصناعات، منها تدوير نفايات قطاع غزة، الذي ينتج ٢٠٠٠ طن يوميا، الأمر الذي سيسمح للقطاع بالحصول على الطاقة اللازمة للمنازل، والأسمدة اللازمة للزراعة.
تنوه المجلة أن تغيير حماس نهجها السياسي والعسكري سيفتح الكثير من الأبواب حول تطوير القطاع، بل وإنشاء جزيرة صناعية وميناء أمام القطاع، والتي ستكون مدخل جديد للمواد واحتياجات القطاع، بل وسيمكن من خلالها بناء العديد من المصانع، ودفع قطاع غزة إلى المجتمع الدولي وجعله متصلا بالدول المحيطة. كما يمكن لهذه الجزيرة أن تضم مطارا دوليا سيساعد المواطنين على أن يكونوا على اتصال مع العالم.
تؤكد المجلة أن حماس عليها البدء في إصلاح اقتصادي شامل في الوقت الحالي، في ظل تعرض المواطنين والخدمات لإنهاك يقترب من نقطة اللا عودة، فعلى سبيل المثال، تحتاج حماس للتدخل لمعالجة مياه الصرف الصحي في غزة، والتي باتت تعرض صحة الفلسطينيين للخطر، وباتت تتسرب إلى البحر المتوسط.
وتتوقع الاحصاءات أنه في حالة تغيير حماس نهجها والتوجه إلى الإصلاح الاقتصادي الشامل، سيسمح خلال العشر سنوات الأولى بخفض نسبة البطالة من ٥٠٪ إلى أقل من ١٠٪ وتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من ١٠٪ سنويا، ومستمرا لمدة عشرين عاما، كما سيساعد في لفت انتباه الدول المجاورة التي يمكنها أن تدعم التجربة الاقتصادية الجديدة.
إلى جانب ذلك، ينبغي أن تفرض حماس نوع من المحاسبة الشديدة والتعامل مع اتهامات الفساد والمحسوبية وسط قياداتها، لخلق نوع من الشفافية، من أجل إشراك المواطنين في عملية التنمية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.