يستمر التذبذب في السيطرة على تحركات أسواق الذهب العالمية للجلسة الرابعة على التوالي وذلك في ظل غياب البيانات الاقتصادية الهامة إلى جانب تصريحات أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي التي اعادت التركيز على معدلات التضخم وعلى أهمية استمرار الفيدرالي في محاربتها الأمر الذي قلل من فرص مكاسب الذهب.
ارتفعت أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس بشكل طفيف بنسبة 0.5% ليتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 2003.81 دولار للأونصة، وذلك بعد أن شهد تراجع يوم أمس ليسجل أدنى مستوى في أسبوعين عند 1969.16 دولار للأونصة قبل أن يقلص مكاسبه ويغلق عند المستوى 1994.58 دولار للبرميل.
يوم أمس تراجعت أسعار الذهب وكسرت مستوى الدعم 1980 دولار للأونصة لتسجل أدنى مستوياتها في أسبوعين، وهو ما شجع المشاركين في الأسواق على عودة الشراء مستغلين تراجع الأسعار ليقلص الذهب من خسائره ولكن أغلق تحت المستوى 2000 دولار للأونصة.
المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة هو محور التداولات هذا الأسبوع في ظل غياب البيانات الاقتصادية الهامة التي كانت تدعم الذهب خلال الأسابيع الماضية، لتتحرك الأسواق في الفترة الحالية وفقاً لمعتقداتها إلى جانب تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي التي أعادت فرص رفع الفائدة إلى الأضواء مجدداً.
أما عن مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الفيدرالية مقابل سلة من 6 عملات رئيسية فقد تراجع اليوم بنسبة 0.2% وذلك بعد أن ارتفع المؤشر يوم أمس وسجل أعلى مستوى هذا الأسبوع ولكنه قلص مكاسبه عند الاغلاق.
عضو الفيدرالي الأمريكي كريستوفر والر صرح نهاية الأسبوع الماضي أن البنك الفيدرالي في حاجة إلى مواصلة رفع أسعار الفائدة بسبب ارتفاع مستوى التضخم، وأشار إن الإنتاجية والتوظيف مستمران في النمو بوتيرة قوية بينما يظل التضخم مرتفعا للغاية ولا ينبغي للمستثمرين توقع انخفاض أسعار الفائدة في أي وقت قريب. وأضاف أنه يجب أن تظل السياسة النقدية متشددة لفترة طويلة من الوقت أطول مما تتوقعه الأسواق.
أما عن عضو الفيدرالي جيمس بولارد فقد أكد على الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم على خلفية البيانات الأخيرة التي تظهر أن التضخم لا يزال مستمراً كما يبدو أن الاقتصاد مستعداً لمواصلة النمو حتى لو كان بطيئًا.
كان كل من عضوي الفيدرالي والر وبولارد صريحين للغاية حيث أشار كلاهما إلى الحاجة إلى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة حتى بعد الارتفاع المتوقع لسعر الفائدة 25 نقطة أساس في مايو.
وفقاً لهذا تُظهر العقود الآجلة لصندوق الاحتياطي الفيدرالي أن الأسواق تقوم بتسعير احتمال بنسبة 85٪ أن يقوم البنك الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مايو، واحتمال بنسبة 28٪ لرفع مماثل في اجتمال يونيو. وهي قفزة كبيرة في التوقعات من احتمال الأسبوع الماضي البالغة 5٪ لارتفاع الفائدة في يونيو.
لكن الأسواق لا تزال ترى احتمال آخر بنسبة 62٪ أن يوقف البنك الاحتياطي الفيدرالي زياداته في أسعار الفائدة في اجتماع يونيو.
أيضاً ظل التضخم في أسعار المستهلكين في بريطانيا مرتفعاً بشكل كبير في مارس، بينما تراجع التضخم في منطقة اليورو الشهر الماضي ولكن القراءات الجوهرية ظلت مرتفعة بشكل يدل على استقرار التضخم، مما عزز التوقعات برفع أسعار الفائدة من البنك المركزي البريطاني والبنك المركزي الأوروبي.
تأثير التوقعات الجديدة في الأسواق على سوق الذهب العالمي
التوقعات باستمرار البنوك المركزية العالمية برفع الفائدة في ظل استمرار التضخم عند مستويات غير مريحة تسببت في ضعف أسواق الذهب خلال هذا الأسبوع، فبعد تسجيل المعدن النفيس أعلى مستوياته منذ 13 شهر عند 2048.76 دولار للأونصة خلال الأسبوع الماضي عاد الذهب إلى التراجع والتذبذب حول المستوى 2000 دولار للأونصة.
من جهة أخرى تستمر عوائد السندات الحكومية الأمريكية في الارتفاع بدعم من توقعات رفع أسعار الفائدة، حيث ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات منذ بداية الأسبوع بنسبة 1.2% ليسجل أعلى مستوى في شهر عند 3.637%.
أيضاً ارتفع العائد على السندات الحكومية لأجل عامين والتي تعد الأكثر تأثراً بتغير توقعات أسعار الفائدة خلال هذا الأسبوع بنسبة 2.2% وسجلت أعلى مستوى في 5 أسابيع عند 4.2820%.
ارتفاع العائد على السندات الحكومية يؤثر بشكل سلبي على الذهب كون المعدن النفيس لا يقدم عائد مما يجعل الاستثمار في السندات يعد استثمار أفضل.
أعلن العملاق المصرفي الأمريكي مورجان ستانلي عن نتائج أرباح قوية خلال الربع الأول من العام، لينضم إلى عدد من البنوك الأمريكية الكبرى التي أعلنت عن نتائج أرباح أفضل من المتوقع، الأمر الذي يقلل المخاوف بشأن الأزمة المصرفية وبالتالي يتراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن في ظل بحث الأسواق عن المزيد من المخاطرة.
مؤشر S&P 500 للأسهم الأمريكية يشهد ارتفاع للأسبوع السادس على التوالي وقد ارتفع منذ بداية الأسبوع بنسبة 0.5% وسجل اعلى مستوياته منذ بداية شهر فبراير الماضي، الأمر الذي يعكس عودة شهية الإقبال على المخاطرة إلى الأسواق بعد أن تضررت من جراء الأزمة المصرفية في مارس الماضي.
الرسم البياني التالي يظهر تحركات الذهب الأسبوعية مقابل تحركات مؤشر S&P 500 للأسهم الأمريكية، ويظهر من الرسم تخطي مؤشر الأسهم لسعر الذهب مؤخراً الأمر الذي يدل على تراجع في الطلب على الذهب خلال هذه الفترة.
مجلس الذهب العالمي يظهر بيع بعض البنوك المركزية للذهب
أظهر تقرير لمجلس الذهب العالمي أن ارتفاع أسعار الذهب فوق المستوى 2000 دولار للأونصة خلال شهر مارس شجع بعض البنوك المركزية إلى بيع جزء من احتياطيات الذهب لديها للاستفادة من ارتفاع السهر.
وفقاً لتقرير مجلس الذهب فقد باع البنك المركزي التركي 15 طن من الذهب في مارس الماضي وكان هذا أو بيع شهري منذ شهر نوفمبر 2021 الأمر الذي خفض احتياطي تركيا من الذهب إلى 572 طن، يذكر أن تركيا أكبر مشتري للذهب خلال عام 2022 بحجم مشتريات وصل إلى 148 طن ذهب خلال العام الماضي وهو أعلى مستوى على الاطلاق.
أيضاً البنك المركزي الكازاخستاني باع في مارس الماضي 10.5 طن ليصل إجمالي مبيعات كازاخستان من الذهب منذ بداية العام إلى 19.6 طن ليصل احتياطي البلاد من الذهب إلى 332 طن وهو أدنى مستوى منذ أغسطس 2018، هذا وقد زادت احتياطيات الذهب العالمية بمقدار 74 طن في يناير تلاها 52 طناً في فبراير، فيما يعد أوقى بداية للعام منذ 2010. ويأتي ذلك في أعقاب المستويات القياسية في العام الماضي والتي بلغت 1136 طنًا.
أسعار الذهب محلياً
أسعار الذهب المحلية مستمرة في تسجيل مستويات تاريخية بشكل يومي منذ بداية الأسبوع وذلك في ظل ارتفاع الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن وتحوط ضد التضخم قبل الانخفاض المرتقب في سعر صرف الجنيه خلال الفترة القادمة، سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً سجل اليوم 2450 جنيه للجرام وهو أعلى سعر تاريخي للذهب، بينما وصل سعر الجنيه الذهب اليوم إلى 19600 جنيه.
منذ بداية شهر ابريل ارتفعت أسعار الذهب محلياً بنسبة 11% ليربح 240 جنيه للجرام، بينما ارتفع سعر جرام الذهب منذ بداية عام 2023 وحتى اليوم بنسبة 45% ليربح 760 جنيه للجرام.
الطلب على شراء الذهب يتناسب طردياً مع ارتفاع الأسعار وهو ما نشاهده حالياً في أسواق الذهب المحلية، فعلى الرغم من تراجع أسعار الأونصة عالمياً تحت المستوى 2000 دولار للأونصة، إلا أن السعر المحلي مستمر في الارتفاع وتسجيل مستويات قياسية بسبب تزايد الطلب الكبير.
ارتفاع الطلب ناتج عن الرغبة في التحوط ضد التراجع المرتقب في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار وما قد ينتج عن هذا من موجة تضخم جديدة بسبب انخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية، من جهة أخرى ضبابية المشهد المالي والاقتصادي تسببت في بحث المستثمرين عن الملاذ الآمن لحماية استثماراتهم، وبالتالي كان للذهب المكانة الأولي في الأسواق في الفترة الحالية.
العقود الآجلة للجنيه المصري الغير قابلة للتسليم أظهرت انخفاض بأكبر معدل لتصل إلى المستوى 44 جنيه لكل دولار بالنسبة للعقود الآجلة غير قابلة للتسليم لأجل 12 شهر، مما يدل على اتساع الفجوة بين سعر العقود المستقبلية والسعر الفعلي في البنك المركزي البالغ 30.95 جنيه لكل دولار، لينذر هذا بخفض وشيك في مستويات الجنيه.
أيضاً سهم البنك التجاري الدولي الذي يعد أكبر بنك مدرج في البورصة المصرية والمتداول في بورصة لندن اظهر خصم بمقدار 31% على شهادات الإيداع الخاصة بالبنك مقارنة مع سعر سهم البنك في بورصة القاهرة. ويمثل هذا الفارق أعلى مستوى منذ أغسطس 2016، ويعكس الفارق في التسعير بين سعر صرف الجنيه محلياً وخارجياً وهو الأمر الذي يزيد من التوقعات بخفض في سعر صرف الجنيه خلال الفترة القادمة.
وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز أشارت في تقرير أخير لها أن معدلات التضخم قد قفزت في مصر بسبب تعرضها للمخاطر الخارجية الناجمة عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما دفع أسعار الفائدة إلى الارتفاع بمقدار 10% منذ العام الماضي لمواجهة هذا التضخم.
وأشارت وكالة التصنيف الائتماني أن الضغوط الخارجية مستمرة على مصر وهو ما قد يعني المزيد من التضخم الأمر الذي يضر بمعدل النمو الاقتصادي إلى جانب ارتفاع التكلفة التمويلية وارتفاع تكلفة الائتمان الأمر الذي يضر بالطبقات الاجتماعية المختلفة.
قفز مؤشر أسعار المستهلكين في مارس على مستوى سنوي بنسبة 32.7% بعد أن كان بنسبة 31.9% في فبراير، بينما على المستوى الشهري تراجع المؤشر إلى 2.7% من 6.5% في فبراير الماضي وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
بيانات التضخم أظهرت أعلى مستوى في مارس الماضي منذ 5 سنوات وسبع أشهر في ظل استمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات بسبب مشكلات نقص النقد الأجنبي التي تواجه الحكومة المصرية وهو ما يتسبب في صعوبة عملية الاستيراد مما يرفع أسعار السلع.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.