جولد بيليون: انفصال تسعير الذهب في مصر عن البورصة العالمية

الذهب يسجل مستوى تاريخي جديد بعد اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي وتلميحه بتوقف رفع الفائدة بشكل مؤقت، الأمر الذي دفع المعدن النفيس إلى الارتفاع على حساب الدولار وسندات الخزانة ليسجل أعلى مستوى في تاريخ الذهب.

مؤشرات الذهب
مؤشرات الذهب

سجلت أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس أعلى مستوى تاريخي للذهب عند 2080.26 دولار للأونصة، ليتخطى بذلك القمة التي تم تسجيلها في عام 2020 عند 2075 دولار للأونصة، وذلك قبل أن تعود الأسعار إلى التراجع ليتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 2034.40 دولار للأونصة.

افتتحت التداولات الفورية للذهب جلسة اليوم على فجوة سعرية صاعدة سجلت على إثرها أعلى مستوى قياسي للذهب قبل أن تعود الأسعار سريعاً إلى الهبوط ليشهد انخفاض حالياً بنسبة 0.2%، وذلك بعد أن سجل ارتفاع يوم أمس بنسبة 1.1%.

رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة خلال اجتماعه يوم أمس بمقدار 25 نقطة أساس ليوافق توقعات الأسواق لتصل إلى النطاق بين 5% و 5.25%، لكنه حذف عبارة “يتوقع” أن تكون هناك حاجة إلى مزيد من الزيادات في الأسعار، واستبدلها بعبارة أنه سيراقب البيانات الواردة لتحديد ما إذا كانت المزيد من الارتفاعات “قد تكون مناسبة”.

اعتبرت الأسواق هذا التغير في بيان البنك إشارة إلى توقف مؤقت في دورة رفع أسعار الفائدة التي استمرت منذ العام الماضي رفع خلال البنك أسعار الفائدة في 10 اجتماعات متتالية، وهو الأمر الذي دعم ارتفاع الذهب بشكل كبير منذ كونه يرتبط بعلاقة عكسية مع حركة أسعار الفائدة الأمريكية.

من جهة أخرى تجاهل البنك الأزمة المصرفية بشكل كبير واكتفى بالتأكيد على استقرار ومرونة القطاع المصرفي الأمريكي، وصرح البنك أنه مع استمرار الجدل حول سقف الديون في أذهان الجميع فالبنك الاحتياطي الفيدرالي لا يمكنه حماية الاقتصاد الأمريكي في حالة التخلف عن السداد.

وأكد الفيدرالي أنه سيراقب البيانات الاقتصادية ويتخذ قراره لكل اجتماع على حده، وأن القرار الصريح بوقف عمليات رفع الفائدة لم يتم مناقشته هذا الاجتماع وقد يتعرض له البنك خلال اجتماعه القادم في شهر يونيو.

وبالنسبة للركود الاقتصادي قال رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن الولايات المتحدة لديها فرصة أكبر لتجنب الركود لكنها لن تستبعد حدوثه، وأضاف: “من الممكن أن يكون لدينا أمل أن يكون ركودًا معتدلًا”.

انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية خلال جلسة الأمس عقب اجتماع البنك بنسبة 0.6%، واليوم سجل أدنى مستوى في أسبوع عند 100.788 قبل أن يعود إلى التعافي وارتفع وقت كتابة التقرير بنسبة 0.2%.

من جهة أخرى تراجع العائد على السندات الحكومية الامريكية بعد تصريحات البنك الفيدرالي الأمر الذي قلل من الطلب على الدولار الأمريكي، فقد انخفض العائد على السندات لأجل 10 أعوام يوم أمس بنسبة 2% وسجل أدنى مستوى في 4 أسابيع عند 3.341%.

أيضاً انخفض العائد على السندات لأجل عامين التي تعد أكثر حساسية لتغيرات أسعار الفائدة يوم أمس بنسبة 2.8% لتسجل أدنى مستوى في 4 أسابيع عند 3.8028%.

 قد تشهد أسعار الذهب تصحيح سلبي محدود بعد تسجيل اعلى مستوى قياسي، ولكن يبقى الاتجاه الصاعد هو المسيطر على حركة الذهب، الجدير بالذكر أن البنك الفيدرالي لم يبدي إجابات واضحة بشأن الأزمة المصرفية وهو الأمر الذي من شأنه أن يدفع الذهب إلى الارتفاع من جديد في حال ظهور أي مستجدات بخصوص الأزمة.

صناديق الاستثمار المدعومة في الذهب تشهد قفزة في أدائها

شهدت صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب طفرة في أدائها خلال جلسة الأمس عقب اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي وتسجيل الذهب لمستوى تاريخي جديد، وذلك منذ كون تلميح الفيدرالي بوقف رفع الفائدة يعد أخبار إيجابية لهذه الصناديق.

ينتعش أداء صناديق الاستثمار في أوقات الأزمات وعدم اليقين الاقتصادي، كما تحقق المكاسب عندما تتوقف عمليات رفع الفائدة أو تتراجع كون الذهب سلعة مالية لا تقدم عائد مقارنة مع السندات الحكومية التي تزداد جاذبيتها مع ارتفاع أسعار الفائدة.

صندوق SPDR الاستثماري للذهب والذي يعد أكبر صندوق في العالمي بصافي أصول يصل إلى 60 مليار دولار سجل ارتفاع يوم أمس بنسبة 0.85% وسجل اعلى مستوى له في 3 أسابيع، بينما قد سجل ارتفاع في أداؤه منذ بداية العام وحتى الآن بنسبة 10.54%.

من ناحية أخرى أظهر مؤشر S&P GSCI الذي يعمل كمعيار للاستثمار في أسواق السلع وكمقياس لأداء السلع بمرور الوقت انعكاس في حركة الهبوط التي سيطرت عليه خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة، ليشهد ارتفاع يوم أمس بنسبة 0.7%.

يأتي هذا بعد الدعم الذي شهده المؤشر من ارتفاع الذهب الداخل في تكوين المؤشر بالإضافة إلى تلميحات الفيدرالي بوقف رفع الفائدة الأمر الذي يدعم أسواق السلع بشكل عام.

أسعار الذهب محلياً

استمرت أسعار الذهب في التداول ضمن نطاق ثابت منذ بداية الأسبوع دون تغيرات عنيفة في السعر، وذلك على الرغم من تسجيل سعر الأونصة العالمية مستوى تاريخي جديد عند 2080 دولار للأونصة قبل أن تعود إلى التراجع، يرجع الاستقرار الحالي في أسعار الذهب إلى ترقب الأسواق لأي تغيرات قد تطرأ خلال الفترة القادمة بخصوص سعر الصرف.

مشغولات الذهب
مشغولات الذهب

سجل الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الخميس 2660 جنيه للجرام، حيث سيطرت التحركات العرضية بين المستوى 2625 جنيه للجرام و 2670 جنيه للجرام على تحركات الذهب هذا الأسبوع، بينما سجل الجنيه الذهب 21280 جنيه خلال جلسة اليوم.

السبب وراء عدم تأثر أسعار الذهب محلياً باجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي يوم أمس وبتسجيل سعر الأونصة العالمية لمستوى تاريخي، هو انفصال التسعير بين السوق المحلية والسوق العالمي في الفترة الأخيرة واعتماد التسعير المحلي مؤخراً على نظرية العرض والطلب في ظل ارتفاع حاد في الطلب وتراجع في المعروض خاصة على السبائك والعملات الذهبية.

يمكننا القول إن السعر التاريخي لأونصة الذهب قد تم تسعيره من قبل في أسواق الذهب المحلية لذلك لم تبدي الأسواق يوم أمس اهتمام بتغيرات السعر العالمي.

من ناحية أخرى فقد أعلن رئيس الوزراء عن عقد مؤتمر صحفي عالمي خلال أيام ليعرض فيه توجهات الدولة المصرية وشرح الموقف الاقتصادي والرد على التساؤلات، وهي خطوة جيدة قد تعيد بعض الهدوء والاستقرار إلى الأسواق المالية بشكل عام وسوق الذهب بشكل خاص الذي تأثر مؤخراً بالشائعات بشكل كبير وتسبب هذا في قفزات غير مبررة في أسعار الذهب.

تضارب في نتائج مصادر الدخل الدولاري في مصر

صدر عن البنك المركزي المصري هذا الأسبوع عدد من البيانات الهامة، وكان تركيز الأسواق على إيرادات السياحة التي تعد من مصادر الدخل الدولاري لمصر، وقد ارتفعت الإيرادات بنسبة 25% بقيمة 7.3 مليار دولار في النصف الأول من السنة المالية الحالية، لتحقق استفادة من ضعف سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار، فقد انخفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بنسبة 31% خلال الفترة من 1 يوليو 2022 حتى 31 ديسمبر الماضي، الأمر الذي ساعد على خفض تكلفة المنتج السياحي لتصبح مصر من الوجهات السياحية الرخيصة وهو ما زاد من أعداد السائحين بأكثر من 6.8 مليون سائح خلال هذه الفترة.

في المقابل نجد أن ضعف سعر صرف الجنيه مقابل الدولار وعدم استقراره في ظل حدوث فجوة بين السعر الرسمي عند 30.95 جنيه لكل دولار والسعر في السوق الموازية قد تسبب في ضعف تحويلات المصريين في الخارج والتي تعد أهم مصادر الدخل الدولاري لدى الدولة المصرية.

التذبذب في سعر صرف الجنيه واختلاف السعر في السوق الموازية وفي العقود الآجلة لمدة 12 شهر بالإضافة إلى التوقعات المحلية والعالمية لخفض سعر صرف الجنيه تسببت في عزوف المصريين في الخارج عن التحويلات الدولارية لتتراجع إلى 12 مليار دولار من 15.6 مليار دولار خلال النصف الأول من السنة المالية.

نتيجة هذا لجأ المصريين إلى تحويل مدخراتهم بالعملات الأجنبية عبر قنوات غير رسمية الأمر الذي قلل من الحصيلة الدولارية للدولة المصرية وتسبب في عدم استقرار العديد من القطاعات وساهم بشكل كبير في الحركات العنيفة في أسواق الذهب مؤخراً.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

أحدث الأخبار

1 من 4٬860

مراجعات

1 من 4٬860