د. يسري الشرقاوي يكتب: إعلان “القمة”.. ونقطة الضعف!

انتهت أعمال قمة “البريكس” وانتهت النتائج والبيان الختامي، وانطلقت الاله الإعلامية بوسائلها المختلفة صحافة ورقية ومسموعة ومرئية واجتماعية في دول البريكس القديم والجديد، لتؤكد المؤكد وهو أننا أمام أزمة إعلامية خطيرة في دول تكتل البريكس باستثناء دولة أو اثنتين مثل: (السعودية – الإمارات)، التزم إعلامهم تجسيد الأمر بكل جوانبه، وخرج بتصريحات متزنة للغاية من الجانب السعودي، الذي يدير التعامل الإعلامي بمنتهي الحكمة والاحترافية والنضج الإعلامي الموجه سياسياً بشكل علمي منضبط.

تتفق أو تختلف مع المعسكر الغربي وهيمنته إلاّ أنك لا ولن تستطيع أن تنكر أو تجحد دور الآله الإعلامية الغربية، لندن بلد أقدم المؤسسات الإعلامية الاحترافية، وروبروت مردوخ ورجاله وأجياله محترفي إعلام وخبر وتحليل وتجسيد مرورًا بالمدارس الأمريكية الأشهر والأجود والأعلى على الإطلاق في الترويج، وأدوات ووسائل ومنصات التسويق بكل وسائله، فشكلا معاً ما يسمى بإعلام الأيدولوجيات، وخلّقوا وصنعوا آليات نقله وتثبيته في عقول البشرية.
ويستطيعون من خلاله ترسيخ كل ما يحتاجونه من أساليب وأنماط تجعلك مؤمنا متشبعاً متمتعا واثقاً فيما يقدمونه، حتى وإن كان فيه بعض التضليل، إلا أن العمل الاحترافي يختلف عن عمل الهواة والذي ينكشف ولا يوجد له غطاء في المصداقية وبالتالي تجد هناك فارق شديد بين إعلام الغرب الأمريكي الأيدلوجي المختلف عن إعلام الهواة والفرقعات .
الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا لم يمتلكوا آية آلة إعلامية احترافية في تاريخهم القديم ولا الحديث ولم يجيدوا بشكل ممنهج تقديم وصناعة آلة إعلامية تصبح في بعض الحروب القطبية العظمى سلاحاً فاصلاً بحجم الأسلحة النووية في قوة التدمير أو تحقيق المكاسب للمنتصر.
خرج بيان القمة حاملاً لفظ “دعوة” ، ولم يحمل كلمة “انضمام” صريحة، ولا اتصور أبداً أن هذا بهدف الخداع الاستراتيجي مثلا للمعسكر الغربي فلا هذا وذاك ولا نحن بهذه السذاجة، الأغرب في الأمر أنه قبل القمة بأسابيع تم خروج بيانات إعلامية بأن هناك 23 دولة تقدموا بطلبات رسمية من ضمن 43 دولة أبدوا استعدادهم ورغبتهم في الانضمام .
ففي تصوري أن الخبر والإعلان كان لابد أن يحمل صيغة واضحة وهي : “قبول 6 دول للانضمام ممن تقدموا بطلبات رسمية”، بدلاً من دعوة وكأن الدعوة مقدمة، وسيقوموا الراغبين، إذاً بتقديم طلبات رسمية جديدة وملفات مدروسة من جانب مقدم الطلب أو بإمكانه رفض أو قبول الدعوة، أو بإمكان الداعي بعد فحص طلبات التقدم رفض واستبعاد وإلغاء دعوة.
على آية حال اللغة الإعلامية الدبلوماسية والرسمية بها ما يؤهلها لتحقيق وإصابة أهدافها بعيداً عن هذه الدوائر الرمادية، ولعل تصريح رسمي لوزير خارجية السعودية يؤكد بوضوح ما أشير إليه في هذا السياق.
في صعيد آخر، تناول إعلام بعض الدول المنضمة حديثا بأمر ونوع من المبالغة لدرجة أن الغالبية العظمى حولت هذا الخبر الذي كان يحتاج الي تفسير علمي لغوي إلى فرح وانتصار ومكاسب، وللأسف تم استخدام هذه الألفاظ والكلمات بكم مُفْرِط للغاية، وخرجت الصحف الورقية والالكترونية بحجم هائل من الجداول والرسومات البيانية والانفوجرافات، وللأسف الشديد احتوى معظمها على أرقام غير دقيقة ومصادرها ليست موثقة ولا مؤكدة.

وتناول الجميع الشرح والاسترسال في جوانب الاستفادة، ولم يتناول إلا قلة قليلة جوانب التحديات والمحاذير والمخاطر، ولم يتحدث أحد عن مدى الانسجام أو التوافق الذي يمكن أن يحدث بين مصر وأثيوبيا في ظل ما تشهده العلاقات مؤخراً ، وماذا عن الرياض وطهران؟ وهناك أيضا أمور تحتاج مزيداً من الإيضاح.
وهل الصين وروسيا سيلعبون لصالح الجميع أم أنها خطوة للتقدم في امتلاك الطاقة المهمة للغاية للصين، وامتلاك الهيمنة المهمة جدا لروسيا في هذا التوقيت الحرج في هذه الحرب القطبية العظمى.
علي أية حال، فإنه من المؤكد بأن الإعلام الغربي سواء في قواعده البريطانية وعقوله الفرنسية واحكامه الالماني وأدوات التسويق والتشويق الأمريكي يجهزون كل شئ بثبات وسوف يستخدمون كل الأسلحة والطرق والوسائل التي بالرغم من أن وهن العجز قد أصابها إلا أنها ما زالت صاحبة اليد العليا، وأن الجميع ما زال يعترف ويحترم الاحترافية الإعلامية الغربية التي تصنع الحقيقة وعكسها.

وتصنع الوضوح، وتصنع التشويش باحتراف، وتخترق صفوف، وتقدم صفوف، وتؤخر صفوف، وتحرك عرائس المارونيت في مسارح العرائس بعيدا عما شاهدناه من أزمة إعلامية خطيرة في معسكر وبلاد “البريكس” القديم والجديد.. مزامير لا تطرب اللحن الحقيقي كما ينبغي لتصنع موسوعة ثابتة راسخه تعيش سنوات، وتبني البناء المرجو والمستهدف داخل تكتل البريكس، إذا كانت الأهداف صادقة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

أحدث الأخبار

1 من 4٬967

مراجعات

1 من 4٬967