رئيس التحرير يكتب.. صادراتنا لأفريقيا والأسئلة الصعبة

صادرات مصر إلى أفريقيا
صادرات مصر إلى أفريقيا

كثيرا ما توقفت قبل الكتابة في هذا الموضوع الشائك، وأن أفتح ملفًا عملت عليه الحكومة لعدة سنوات ونتائجه كانت مسارًا للحديث في الأوساط الاقتصادية، عبر صياغة منظومة جديدة لدعم المصدرين، لكن البيانات المعلنة من مستودع بيانات التجارة الخارجية حول صادرات مصر إلى القارة الأفريقية دفعتني لفتح ملف التراجع في صادراتنا من المنتجات المختلفة في كافة القطاعات، والتساؤل بجدية عن صادرات مصر إلى القارة السمراء، ودور مكاتب التمثيل التجاري والتي تكلف خزينة الدولة آلاف الدولارات وأسئلة أخرى من نوعية، لماذا تراجع دور الصادرات في أفريقيا؟، وهل الأرقام الحالية للصادرات ترضى الآمال؟، خاصة أن الصادرات هي ضمن المصادر الرئيسية للعملة الصعبة.

ولو توقفنا قليلا محاولين استعراض حجم الصادرات المصرية غير البترولية لدول القارة السمراء، سنتفاجأ بأرقام مخيبة للآمال ولطموحات وأحلام عودة قارة أفريقيا إلى حضن القاهرة، عن طريق تواجدنا في هذه الدول، عبر خير سفير للقوى التي قد تندرج تحت بند القوى الاقتصادية الناعمة وهى المنتجات والصادرات المصرية، لنعود كسابق عهدنا في ستينات القرن الماضي، عندما كان الدواء المصري والسلعة المصرية هي الأشهر لدى أبناء قارتنا، فليس من الواقع أن تتراوح صادرات القاهرة إلى القارة السمراء ما بين 4 إلى 5 مليار دولار سنويا، بعد زيادتها ومع استثناء فترة حدوث أزمة كورونا، سنجد أن إجمالي الصادرات المصرية إلى أفريقيا لا يمكن مقارنتها بقدرات مصر الصناعية.

وهنا بالنظر قليلاً لحجم صادرات مصر للقارة السمراء خلال آخر عامين، ورغم المجهود الكبير المبذول فى المعارض الخارجية، وكذلك افتتاح مركز لوجستي في كينيا لخدمة تواجد المنتجات الحاضرة في الدول الأفريقية، سنجد أن دول القارة السمراء استقبلت منتجات من مصر برقم ضعيف جدا، إذا ما تم قياسه على احتياجات السوق الأفريقي من الواردات والتى تسجل سنويا ما قيمته 278 مليار دولار تقريبا، فمستهدفات مصر للتصدير لا يجب أن تكون بهذا الوضع، فلا معنى أن تكون صادراتنا ما بين 4 إلى 5 مليار دولار، فى حين أن الاحتياجات الأفريقية من المنتجات المختلفة والخامات تتجاوز ربع ترليون دولار،  فما المشكلة وكيف يتم حلها؟، وهل هناك خطة لمضاعفة الصادرات؟.. فعليا لا يجب أن تقل صادرات القاهرة للقارة السمراء عن 10 إلى 15 مليار دولار سنويا على أقل التقديرات، لأن الإمكانيات التصنيعية الهائلة فى مصر تؤهلها لتحقيق هذه المستهدفات.

المشكلة الأكبر حول جدوى الاتفاقيات التجارية الموقعة بين مصر والدول الأفريقية، وتحديد اتفاق التجارة الحر مع السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا “الكوميسا”، في ظل صادرات مصرية للكوميسا، لا تزال تدور في فلك 1.5 إلى 1.8 مليار دولار تقريبا،  إلا أنها لا تتماشى مع اتفاقيات التجارة مع الدول الأفريقية التي تتيح نفاذ الصادرات لأغلب الدول الموقعة على الاتفاقية، والتي تتيح تسهيلات كبيرة لنفاذ المنتجات، حتى وإن كانت الصادرات تشهد زيادة، والتي إذا ما قسنا هذه الزيادة على الخطط التي تضعها الحكومة لغزو السوق الأفريقي في ظل المميزات السعرية التنافسية الكبيرة للمنتج المصري بعد تحرير سعر الصرف، فإنها لن تكون معبرة عن مستهدفات مصر للتواجد بقوة في أسواق القارة السمراء.

إذن بقى عدة أسئلة هامة جدا، لعلنا نجد إجابة لها لدى المسؤولين عن ملف الصادرات، ومن ضمن أسئلتنا المشروعة، متى تستفيد الصادرات إلى أفريقيا من الاتفاقيات التجارية؟، وما هو دور مكاتب التمثيل التجاري هناك؟، وكيف لدولة بحجم مصر كانت مسيطرة بمنتجاتها على القارة الأفريقية أن يكون حجم صادرات منتجاتها بهذا الحد؟، وإلى أي مدى تُحقق الخطط والاستراتيجيات الموضوعة أهدافها؟، وإلى متى يكون الوجود الهندي والصيني أقوى من مصر في دول وضعنا أقدامنا بمنتجاتنا فيها قبل أن تبدأ الهند نهضتها، كلها أسئلة وغيرها الكثير تدور في مخيلتي لعلنا نجد إجابة لها عند المسؤولين.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

أحدث الأخبار

1 من 4٬864

مراجعات

1 من 4٬864