هانى أبو الفتوح يكتب الاستثمارات القطرية.. والدعم المنتظر

هاني أبو الفتوح (1)

دائما ما أتذكر مقولة السير وينستون تشرشل، وزير الوزراء البريطاني الراحل، “ليس هناك أصدقاء دائمون، ولا أعداء دائمون، ولكن توجد مصالح دائمة”. تنطبق هذه المقولة الشهيرة على العلاقة بين الأفراد والحكومات على حد سواء. ثم تأملت في استئناف العلاقات الكاملة بين المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين من جهة ، وقطر من جهة أخرى في قمة دول مجلس التعاون الخليجي، التي عقدت في مدينة العلا السعودية، وعودة العلاقات بين مصر و قطر تدريجيا إلى أن توجت الزيارات المتبادلة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عودة العلاقات بعد قطيعة استمرت عدة سنوات تخللها توترات دبلوماسية وإعلامية بين البلدين. فالمصالح المشتركة والتحديات التي تواجهها دول المنطقة هي التي دفعت إلى نبذ الخلافات، والالتفاف نحو مواصلة التعاون الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري بين الأشقاء في دول الخليج العربي.

 

من الواضح للجميع أن مصر مازالت تواجه ظروفاً اقتصادية صعبة تفاقمت بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا. قادت ندرة المعروض من العملات الأجنبية، ونزوح الأموال الساخنة الحكومة المصرية إلى طلب المساعدة من الأشقاء في دول الخليج ، في محاولة مضنية  لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. في غضون ذلك ، تعهدت قطر والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة بضخ استثمارات في الاقتصاد المصري بنحو 22 مليار دولار. وبالفعل تم إبرام بعض الصفقات ، بينما لا يزال البعض الآخر في طور المفاوضات والإعداد. وعلى وجه الخصوص، لم تتحقق الاستثمارات القطرية الجديدة حتى الآن، على الرغم من بوادر المفاوضات الجادة بين الصندوق السيادي القطري والصندوق السيادي المصري.

 

ومع الحاجة الملحة لتوفير العملة الأجنبية لسداد الالتزامات المالية العاجلة وتوفير الواردات السلعية في الأسواق بعد فترة اضطراب منذ شهر فبراير الماضي، قدم الجانب القطري مبادرة طيبة، حيث أودع صندوق الثروة السيادية القطري مليار دولار لدى البنك المركزي المصري، على خلفية الاقتراب من صفقة للاستحواذ على حصص حكومية في بعض الشركات الكبرى. ويرتبط هذا المبلغ بتعهد قطر في شهر مارس الماضي على ضخ  استثمارات وشراكات بقيمة إجمالية تصل إلى 5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة.

 

ما أود أن أشير اليه هو أن المصلحة المشتركة هي الدافع المحرك في سيناريو الاستثمارات الخليجية في مصر.  فالصناديق السيادية الخليجية حققت فوائض مالية هائلة بسبب الارتفاعات الكبيرة في أسعار النفط والغاز الطبيعي التي اشتعلت بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، و كذلك تداعيات فيروس  كورونا.  فهي تسعى لاقتناص فرص استثمارية مربحة في مصر ذات التعداد السكاني الذي تجاوز 102 مليون نسمة، ما يخلق سوق واعدة بسبب حجم الطلب الهائل من السوق المحلي. وفي الوقت ذاته ، تلقى الاقتصاد المصري ضربات قاسية جعلته يبحث عن مصادر دعم دولي و إقليمي. فلا شيء في هذا العالم يسمى “عشاء مجاني”. إنها المنافع المشتركة التي يجب أن تتبادلها الحكومات لتحقيق الأفضل لشعوبها.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

أحدث الأخبار

1 من 4٬925

مراجعات

1 من 4٬925