“لا يمكن تحقيق نهضة في قطاع الصادرات المصرية إلا بتسهيل وتسريع الإجراءات على الشركات والمصانع المصدرة ومنح أولوية قصوى لحل مشاكلهم”، هكذا يمكن البدء في الحديث عن واحد من أهم الملفات الاقتصادية في مصر حاليًا، وسط توجيهات ودعم كبير توليه الحكومة لهذا الملف، وكذلك في ظل رؤية واضحة من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي لتحقيق 100 مليار دولار صادرات سنوية.
لا جدال على صدق النوايا للجهات العاملة على ملف التصدير في سعيهم للتسهيل على المصدرين والمصنعين وتذليل العقبات التي تواجههم، لكن كيف يحدث ذلك والجهات نفسها تعاني داخليًا من البيروقراطية والروتين القاتل والممل، وتوجد أمثلة كثيرة لا يمكن سردها في هذه السطور المحدودة، لكن أسوق لكم مثلًا بسيطًا لهذه البيروقراطية الكفيلة بتعطيل يوم كامل في حياة شركة مصدرة، والتي سردها لي أحد الأصدقاء.
يقول الصديق وهو يعمل على ملف الغزل والنسيج والملابس الجاهزة: “ذهبت لأحد فروع بنك تنمية الصادرات لصرف شيك ورأى موظف الفرع أن التوقيع غير مطابق ويحتاج تعزيز من الفرع الرئيسي للبنك، فقلت له بكل أريحية نرسل إيميلًا للفرع، اعتقادًا مني أن الرد يصل في غضون دقائق خاصة أن الفرع كان خاليًا من العملاء، وبالفعل أرسل الموظف الإيميل، وانتظرنا أكثر من 3 ساعات بلا رد، وكلما سألت الموظف يقول لي (مفيش رد يا فندم)، حاولت مرارًا اتواصل مع خدمة العملاء لكن فشلت”.
ويضيف الصديق وقد عزم في داخله أن يبتعد عن كل شيء يمكن أن يربطه مع بنك تنمية الصادرات – والعهده هنا على الرواي-: “حاولت التواصل مع الجهة المصدرة للشيك، فقالوا الحل بسيط خد الرقم دا وهو مسؤول في الفرع الرئيسي يمكن أن يستعجل الرد، خاصة أن الموضوع مش مستاهل كل الوقت دا، وبالفعل اتصلت بالمسؤول عدة مرات لكن لا إجابة أو رد، وعدت مرة أخرى للشباك طالبًا منهم أي وسيلة تواصل من الفرع إلي المقر الرئيسي وكان الرد مفاجأة صاعقة وهي مفيش بينا تواصل غير الإيميل”.
ويختتم الصديق حديثه، قائلًا: “وقتها أدركت أن التطوير في ملف التصدير يجب أن يكون بتطوير الجهات التي تعمل على هذا الملف سواء بنوك أو هيئات أو جهات حكومية لأن استمرار الوضع على هذه الحالة يعني استمرار المعاناة وتضيع مجهودات الدولة الهادفة لتشجيع التصدير وتسهيله ودعم القطاع الخاص”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.