جولد بيليون تكشف تأثير ارتفاع عائد السندات الأمريكية على الذهب

شهدت أسعار الذهب العالمية تراجع مع بداية جلسة اليوم الأربعاء بعد أن تعرض الذهب لضغط سلبي من ارتفاع عوائد السندات الحكومية الأمريكية، بالإضافة إلى تقليل المنظمون في الولايات المتحدة من أهمية الأزمة المصرفية الأمريكية وإمكانية انتشارها الأمر الذي قلل من الطلب على المعدن النفيس.

انخفضت أسعار الذهب الفورية اليوم بنسبة 0.3% لتتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 1966.53 دولار للأونصة، وذلك بعد ارتفاع سابق خلال جلسة الأمس ولكنه لم يستمر طويلاً بسبب الضغط السلبي الواقع على الذهب منذ بداية الأسبوع بسبب عمليات البيع لجني الأرباح بعد المكاسب القياسية الأخيرة.

أسعار الذهب مقابل الدولار

من جهة أخرى يظل المستوى 1950 دولار للأونصة صامد في مواجهة هبوط أسعار الذهب ليوفر دعماً مناسب خلال هذا الأسبوع، خاصة في ظل تضارب توقعات تحركات الأسواق منذ اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأخير الذي لم يقدم اتجاه واضح لسياسته النقدية.

يقترب شهر مارس من نهايته وقد شهد ارتفاع قياسي لأسعار الذهب بنسبة 7.7% حتى مستويات اليوم، بينما قد سجل الذهب خلال هذا الشهر أعلى مستوياته منذ عام عند 2009.69 دولار للأونصة ليفقد من وقتها 50 دولار تقريباً بسبب عمليات التصحيح السلبي وعدم وضوح الاتجاه في الأسواق.

أما بالنسبة للدولار الأمريكي فقد عاد إلى الارتفاع اليوم وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الفيدرالية أمام سلة من 6 عملات رئيسية ليسجل ارتفاع بنسبة 0.1% تقريباً وذلك بعد انخفاض استمر لجلستين متتاليتين، حيث وجد الدولار بعد الدعم من ارتفاع العائد على السندات الأمريكية يوم أمس.

أيضاً أظهرت بيانات أمس الثلاثاء ارتفاع ثقة المستهلك الأمريكي على غير المتوقع خلال شهر مارس بقيمة 104.2 بعد أن كانت القراءة السابقة 103.4. وهو ما ساعد على عودة الهدوء إلى الأسواق المالية بشأن الأزمة المصرفية.

ارتفع العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات يوم أمس بنسبة 1.2% ليسجل أعلى مستوى في 4 جلسات عند 3.577%، ولكن ذلك التحسن يأتي بعد أن سجل العائد يوم الجمعة الماضية أدنى مستوى منذ 6 أشهر عند 3.285%.

ستظل المشكلات في البنوك الأمريكية لها التأثير المهيمن على الدولار الأمريكي على المدى القريب، وهو ما ينعكس أسعار الذهب أيضاً.

رئيس الرقابة المصرفية في الاحتياطي الفيدرالي مايكل بار صرح خلال شهادته يوم أمس أن النظام المصرفي الأمريكي مرنًا بشكل كافي، وأن الانهيار الأخير لبنك سيليكون فالي كان بسبب حالة نموذجية من سوء الإدارة.

عززت تعليقات بار بعض الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي قد لا يزال لديه مساحة اقتصادية كافية لمواصلة رفع أسعار الفائدة خاصة إذا استقر القطاع المصرفي. جدير بالذكر ان أداة مراقبة توقعات البنك الفيدرالي تشير إلى احتمال بنسبة 44.5% لرفع البنك لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مايو القادم.

توقعات متضاربة في الأسواق لأداء الذهب على المدى المتوسط

هناك قطاع عريض في الأسواق يتوقع من البنك الاحتياطي الفيدرالي إعطاء الأولوية لإعادة التضخم إلى هدف البنك عند 2%، من خلال رفع سعر الفائدة مرة أخرى ثم عدم إجراء تخفيضات في المراحل الأولى من الانكماش الاقتصادي المتوقع نهاية العام الجاري، مما يؤدي إلى ضعف دوري في أسعار الذهب خلال النصف الثاني من عام 2023 حيث ترتفع تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب بدون عائد عند زيادة أسعار الفائدة.

ويجد هذا السيناريو الدعم من الهدوء الحالي بشأن أزمة المصارف الأمريكية ونجاح المنظمين الأمريكيين والعالميين في زرع الثقة تدريجيا في القطاع المصرفي.

هناك سيناريو آخر يشير إلا أن أزمة المصارف الأمريكية قد لا تكون انتهت بالفعل وأن عمليات انتقال الإيداعات من البنوك الإقليمية والصغيرة إلى البنوك الكبرى ستخلق حالة من الضغط على مستويات السيولة النقدية في هذه البنوك، وهو الأمر الذي سيخلق ضحايا جديد من البنوك خلال الفترة الأخرى.

وتشير التوقعات أن عودة الثقة في أداء قطاع البنوك لن يكون بالسهولة التي تتوقعها الأسواق، وفي هذا السيناريو سيكون البنك الفيدرالي مجبر على التوقف عن عمليات رفع الفائدة خاصة مع إشارته في اجتماعه الأخير أن ذروة الفائدة قد اقتربت، وقد نشهد البنك يخفض أسعار الفائدة بداية من اجتماعه في شهر يوليو القادم كما تشير توقعات الأسواق.

في هذه الحالة سيجد الذهب دعم كبير سواء من خفض أسعار الفائدة أو من كونه ملاذ آمن في الأزمات في حال سقطت بنوك جديدة في الأزمة.

السبب في هذا التذبذب في الآراء في الأسواق هو عدم وضوح مسار السياسة النقدية للفيدرالي خلال اجتماعه الأخير، وهو ما فتح الباب أمام العديد من التكهنات.

هل يصبح الذهب هو الرابح في كل الاحتمالات؟

توقعات أسعار الذهب

تضارب الاحتمالات سواء للسياسة النقدية للبنك الفيدرالي او التوقعات بشأن الأزمة المصرفية يظهر لنا إمكانية أن يصبح الذهب هو المستفيد الأول أياً كانت الاحتمالات.

البنك الاحتياطي الفيدرالي يحاول حل معادلة من 3 أطراف حيث يحاول تهدئة التضخم والوصول إلى المستهدف، كما يعمل على تهدئة إمكانية الركود الاقتصادي بسبب عمليات رفع الفائدة وأن يجعله ركود غير عميق، وأيضاً يحاول علاج الأزمة المصرفية وضمان عدم تكرار سقوط أي ضحايا بنكية جديدة.

الأهداف الثلاثة للبنك متضاربة لحد كبير وسيكون عليه التضحية بأحدها أو عدم الوصول إلى نتائج مقبولة في جميع الأهداف، وهنا سيكون للذهب دور كبير كون فشل الفيدرالي في أحد هذه الأهداف أو أجزاء منها سيدفع قطاع عريض من الأسواق إلى البحث عن الذهب كملاذ آمن.

الرسم البياني التالي يوضح تحركات الذهب وكلا من العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل عامين وأجل 10 سنوات، ويتضح أن الذهب قد تأقلم على العائد وحدث تقاطع إيجابي لصالح الذهب خلال فترة أزمة بنك سيليكون فالي، وهو ما يدل أن مستقبل العائد لن يضعف الذهب على المدى المتوسط خاصة مع التوقعات السلبية لأسعار الفائدة المتزايدة.

أما عن احتمالات الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة فنجد أن منحنى العائد لعوائد السندات الحكومية الأمريكية لا يزال في هبوط كبير، الأمر الذي يدل على تراجع العائد على السندات طويلة الأجل مثل استحقاق 10 سنوات و20 سنة و30 سنة، مقارنة مع ارتفاع العائد على السندات ذات الاستحقاق القريب مثل 1 شهر وحتى عامين كما يظهر في الرسم البياني التالي.

مثل هذا التشوه في منحنى العائد يعتبر دليل واضع على عدم ثقة المستثمرين في مستقبل الاقتصاد الأمريكي على المدى المتوسط والبعيد وتفضيلهم الاستثمارات قصيرة المدى مما يوفر لهم سرعة الهروب من السندات والتوجه لاستثمار آمن آخر وفي هذه الحالة سيفتح الذهب أبوابه لاستقبال الاستثمارات الهاربة من أسواق السندات الحكومية.

أيضاً انخفاض عائد السندات الحكومية أصبح علامة متشائمة على مستقبل النمو الاقتصادي الأمريكي، بعد أن تكرر هذا المشهد قبل كل أزمة واجهت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً.

أسعار الذهب محلياً

أسعار الذهب

استقرت أسعار الذهب خلال تداولات اليوم الأربعاء عند مستويات قياسية حيث يستمر التوتر والمخاوف في الأسواق في دعم الطلب على الذهب محلياً بشكل كبير وتدفعه إلى تسجيل مستويات قياسية على الرغم من التصحيح السلبي الذي تشهده أسعار الأونصة العالمية.

تداول جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم عند المستوى 2100 جنيه للجرام بالقرب من أعلى مستوى تاريخي سجله عند 2130 جنيه للجرام، بينما وصل سعر الجنيه الذهب عند 16800 جنيه.

ارتفاع أسعار الذهب يأتي وسط ترقب الأسواق وانتظار اجتماع البنك المركزي المصري المقرر عقده يوم غد الخميس، حيث تشير التوقعات إلى قيام البنك برفع أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس على الأقل، وفي هذه الحالة قد تلجأ البنوك إلى طرح شهادات استثمار بفائدة أعلى.

سعر صرف الدولار مقابل الجنيه لا يزال مستقر عند المستوى 30.95 جنيه لكل دولار، بينما تشير العديد من التوقعات سواء محلية أو عالمية أن الجنيه قد يشهد تخفيض خلال الفترة المقبلة.

تقارير المؤسسات العالمية تتوقع ارتفاع في الفائدة وانخفاض للجنيه

العديد من المؤسسات المالية العالمية خلال الفترة الأخيرة توقعت لجوء البنك المركزي المصري إلى رفع الفائدة من 200 إلى 300 نقطة خلال اجتماعه القادمة لمواجهة التضخم الذي تخطى المستوى 30% في فبراير على أساس سنوي، بالإضافة إلى توقعات بتراجع في قيمة الجنيه ليواجه الضغوط الكبيرة الحالية بسبب عجز الدولار.

أعلنت مؤسسة فيتش سوليوشنز للخدمات المالية والتي تتبع وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني في تقرير سابق لها عن توقعاتها لسعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وأشارت أنها تتوقع وصول سعر الصرف إلى 33 جنيه لكل دولار خلال النصف الأول من العام على أن يعود الجنيه إلى التعافي ويصل سعر الصرف إلى المستوى 30 جنيه للدولار بحلول نهاية العام الحالي.

في حين أشار بنك HSBC في تقريره الأخير إلى توقعاته لسعر صرف الدولار في مصر ليصل ما بين 35 و 40 جنيه لكل دولار بعد أن كانت توقعاته الأخيرة في يناير الماضي عند 32.5 جنيه لكل دولار. كما توقع بنك HSBC أن يقوم البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بواقع 3% دفعة واحدة.

بينما توقع بنك مورجان ستانلي أن يقوم المركزي المصري برفع الفائدة 200 نقطة أساس بعد ارتفاع معدلات التضخم لمستويات تاريخية بسبب تراجع قيمة العملة المحلية، وأشار البنك إلى حاجة مصر إلى تسريع برنامج طروحات الشركات الحكومية والتحول لسعر صرف مرن بشكل دائم ليصبح الاقتصاد المصري قادر على امتصاص الصدمات العالمية.

تسببت هذه التوقعات من قبل المؤسسات العالمية في زيادة المخاوف في الأسواق المحلية وهو ما دفع الطلب على الذهب كملاذ آمن إلى التزايد، خاصة أن الأسواق تدرك أن رفع الفائدة لن يؤثر سلباً بشكل كبير على أسعار الذهب في ظل التضخم العنيف الذي يضرب الاقتصاد المصري وبسبب الشكوك في إمكانية انخفاض سعر صرف الجنيه مجدداً خلال الفترة القادمة.

eqtisadonaإقتصادنااقتصادناالذهبالسندات الأمريكيةجولد بيليونموقع aktsadnaموقع eqtisadonaموقع إقتصادنا