د يسري الشرقاوي يكتب.. البريكس بهدوء ما لنا و ما علينا

يسري الشرقاي رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية الإفريقية
يسري الشرقاي رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية الإفريقية

ماذا بعد البريكس؟

ماذا سنحصد؟ وإلى أين نتجه؟ وما هي المسارات السليمة لتحقيق الاستفادة الممكنة؟

المواطن المصري على مدار 72 ساعة تابع الأخبار والأنباء والأفراح والليالي الملاح احتفالا بالصعود إلى منطقة “اليريكس”!! وبعيدا عن غابات وتزاحم الأرقام التي تعبر عن حجم التكتل والمدخلات الاقتصادية ومؤشرات التكتل، والناتج المحلي الإجمالي للتكتل، وموازين المدفوعات، وأحجام التبادل التجاري، وإنتاج النفط، وكل  المؤشرات التي نُشرت في كل وسائل الإعلام.

كل  هذا جميل ولا غُبار عليه.. ويدعو للأمل والتفاؤل، لكن على كل دولة من الدول الحديثة المنضمة للبريكس بكل طبقاتها وسلطاتها وفئاتها سواء (حكومة – قطاع خاص –  مستثمرون – تجّار  – شعوب)  أن يعلموا حقائق ثابتة  لا تقبل النقاش أهمها: ” أن الانضمام للبريكس لن يجعل دولا  تعاني اقتصاديا غنية وينتشلها من المعاناة والمشكلات الاقتصادية  بلمسة سحرية، وإنما ربما يكون أداة عون وأجواء وفرص مهيأة فقط ليس إلاّ.

حتى لا نُفرط في التفاؤل ونتخيل أن مشاكلنا الاقتصادية انتهت والحياة أصبحت أفضل ما يكون، وعلى الدول المنضمة وأخص منها “مصر ” بالطبع أن تعلم أن العمل داخل هذه التكتلات له معايير وأنماط وقياسات جديدة مثل دخول اللاعب  إلى عالم الاحتراف، وما يجب عليه فعله ليحافظ على مستواه، بل يخطط ويتعب ويجتهد جدا في خطوات متقدمة مع أعضاء فريقه الجديد، والحقيقة الأخيرة والهامة جدا أن مراحل التحولات القطبية التدريجية من أشد المراحل حساسية وخطورة في التاريخ السياسي العالمي والدولي.

وأن الأمور لا تسير بمحاكاة  مثل من يجلس أمام التلفاز ويتحكم في التنقل بين القنوات بدعسة زرّ ريموت كنترول. ولهذا علينا أن نكون متصارحين جدًا مع أنفسنا وصادقين وعازمين على المضي قدماً وفق حقيقة واحدة هي أننا لن نستغني إطلاقا عن العملة الدولارية، لكن ربما سيخف الضغط العام والعالي تدريجي ونسبي من الاحتياج للدولار، إذا ما صارت الأمور كلها في مسارها الطبيعي دون حدوث أي خلل، وذلك في غضون عامين على الأقل بعد تفعيل الانضمام من يناير 2024 وليس خلال الساعات المقبلة، مع ضرورة أن تعمل الدول المنضمة حديثا على تحليل حساب أحجام  وقيم الدين الخارجي ومواعيد سداد أقساط الدين وفوائده وتدابيره الدولارية لباقي الدول الدائنة الخارجة عن نطاق البريكس “نقطة حساسة للغاية ” سوف نحتاج الوقوف عندها مستقبلا ً.

إذًا.. ماذا يجب أن تفعله الحكومات؟ إنه بات أمراً واضحا ويجب أن يكون سريعًا وعاجلاً وذكيّا،،

اولا:-

لابد أن يكون هناك  استكمالا لمشروع مصري قومي للاستفادة التامة من الانضمام لتكتل البريكس ويسير مع الإصلاحات الحقيقية التي يجب أن تستكمل في مسار تحسين مناخ الاستثمار وما يتطلب ذلك من إصلاح هيكلي إداري وزاري يطال قطاعات كثيرة ومتعددة بما فيها الهيئات والبنوك والمصارف والمؤسسات شبه الحكومية، بهدف استكمال القضاء على البيروقراطية، والفساد الإداري، مع العمل على ضبط جودة التشريعات  بما يختصر الوقت ويضمن سلامة تطبيق القوانين.

مع ضرورة رفع مستوي مراكز الأبحاث وإدخال التكنولوجيا الحديثة ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة مع ما يحدث في دول البريكس، وأن يتم استهداف بناء اقتصاد إنتاجي صناعي وزراعي وليس ريعي أو اقتصاد جبايات ضريبية فقط، ونتعلم ونعلم أن أعضاء منظمة البريكس القدامى والجدد ليسوا دولاً عقارية الاقتصاد!!.. بل صناعية زراعية تصديرية.. وضرورة أن نأخذ في الاعتبار المشروع القومي البرازيلي والأثيوبي والجنوب أفريقي، ومن قبلهم الصيني والهندي والروسي. وهنا نستوعب الدرس جيداً.

ثانيا:-

يتم تشكيل خلايا عمل ومواقع Think Tank نزيهة تُشكل  بحيادية باختيارات ومعايير مبنية على الكفاءة والأيديولوجيات والخبرات الدولية من المحترفين والخبراء بعيدا عن إقحام الكادر الحكومي والمسؤولين الحاليين في هذه المهمة الصعبة عليهم، وذلك لدراسة وتحليل دقيق للغاية لدول التكتل  وعمل تحليلات ودراسات عميقة لكل مدخلات الإنتاج، والحياة الاقتصادية السليمة والمستدامة، و وضع خريطة وخطة اقتصادية شاملة ومتنوعة  للصناعة والزراعة بأهداف استثمارية وتجارية بينية بين مصر ودول البريكس.

وتكون محوكمة من الجانب التطبيقي وليس التنظيري حتى لا نرسب في الامتحان الاقتصادي الجديد.. وتشمل أهداف وبرامج جديدة للسياحة مع أسواق البيركس، وكذا التعاون في مجالات التعليم والصحة العامة والخدمات والمناطق الصناعية المتخصصة كصناعة السيارات وكذا مناطق التكنولوجيا على غرار السيلكون فاللي، ونكون جاهزين بخطط وعقود وليس مذكرات تفاهم واتفاقيات.

ثالثا:-

على القطاع الخاص المصري ومستثمروه وجمعيات ومنظمات واتحادات الأعمال ضرورة العمل على التقارب الشديد بمنهجية وفكر جديد مع  نظرائهم في دول منطقة البريكس.. متسلحين بأيدولوجية جديدة مبنية على دراسات وأبحاث وقدرة تمويلية لاختراق أسواق البيركس والعمل فيها  بشكل فعال، والعمل أيضا على الترابط الداخلي وتجميع القوى الناعمة الاقتصادية، وكذلك التنازل عن أساليب قديمة ومنهجيات نجاح ومصالح الأفراد فقط والتي عفا عليها الزمن في استقبال الشراكات الاستثمارية الجادة بكل صدق وتأسيس صناديق استثمار بفكر وإدارة قوية، وإدرات وأدوات مرنة، وبالتالي نستطيع أن نصل إلى نموذج قوي جدا من الاستثمار البيني والتجارة البينية مع دول البريكس، وعلى كل المتعاملين في هذا الشأن سواء شركات نقل ولوجستيات أو مصارف وبنوك عامة وتجارية سرعة قراءة المشهد ووضع أهداف استراتيجية للاستفادة من هذا المشهد فيما بعد الانضمام لبيركس.

رابعاً:-

رسالة مع بعد الانضمام للبريكس  للشعوب -قولا واحداً- “لن ينفعك أحد إلا عملك”، أقول للشعوب وللشعب المصري العظيم أنت الآن في اختبار دولي مع 11 لاعب كبير وعظيم  اقتصادي، ونتمني أن يكون هناك معنا إعلام قوي صادق متنوع يعمل معنا لكي نخلق روحاً جديدة  ووعي جديد داخل هذا الشعب العظيم منذ فجر التاريخ، وتكون المصارحة والمكاشفة والتنوير والحقيقة هم أعمدة العمل والانتاج حتى لا يخدعنا أحد مرة أخرى، ونظن أننا فقط سعداء لأننا سنتحول من مقترضين من عم الحاج “جورج ” صندوق النقد الدولي إلى عم الخواجه “أحمد” البنك الدولي الجديد.

إذا يجب علينا أن نعمل في وعي جديد كشعب عظيم وندخل لكل المصادر عبر شبكة المعلومات الدولية ونبدأ جمع  معلومات عن حياة وأنظمة وأنماط شعوب البيركس، وندرس ثقافتهم الإنتاجية والسلوكية والاستهلاكية والتقدمية، وأخلاقهم وتعليمهم وصفاتهم،. وبدأنا بوازع داخلي من أنفسنا بزراعة تنافسية قوية لا تقبل فيها الهزيمة والتحلي بروح البناء ونتغاضى عن الصراعات الداخلية السياسية والكروية والفنية.. إلخ، ونعلي الصالح العام المصري، فلن تنفعنا بريكس، ولا عائلات بيركس، ولا تكتل السبع، ولا تكتل العشرين، بل سنعود إلى الخلف -لا قدر الله- بسقوط غير مسبوق، لأن اللعب مع المحترفين له أصوله.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

أحدث الأخبار

1 من 4٬963

مراجعات

1 من 4٬963