يوسف مخلوف يكتب.. مستقبل الاقتصاد المصري في ظل الأزمات الحالية

باسم يوسف

بعد ثورة 30 يونيو، راهنت القيادة السياسية في الدولة المصرية على الاقتصاد باعتباره الرهان الرابح، وشرعت في تنفيذ برنامج شامل ومتوازن للإصلاح الاقتصادي، وبرغم الظروف الصعبة والاوقات العصيبة التي مرت بها الدولة المصرية بداية من الأوضاع السياسية الصعبة، والازمات الاقتصادية، وانعدام الأمن، وغير ذلك العديد من الأزمات، إلا أن القيادة السياسية لم تحد عن طريق الإصلاح الاقتصادي وبدأت في تنفيذ العديد من المشروعات الاقتصادية الضخمة التي ربما نتطرق اليها في مقالات أخرى قادمة، وهذه المشروعات وفرت الكثير من فرص العمل للشباب المصري وأدت إلى تراجع نسبة البطالة.

وفي ظل استمرار القيادة السياسية في تنفيذ خطة الاصلاح الاقتصادي وبداية تعافي الاقتصاد المصري، جاء فيروس كورونا ليضرب اقتصاديات العالم بما في ذلك اقتصاديات الدول المتقدمة، إلا أن الاقتصاد المصري ظل متماسكاً وقوياً، وهذا دفع المؤسسات المالية الدولية إلى الإشادة بالاقتصاد المصري وقوته وقدرته على مواجهة كافة الأزمات، حتى أن البنك الدولي توقع تفرد القاهرة بالنمو في منطقتها على رغم تفشي الوباء، وقد انضم البنك الدولي إلى مجموعة من المؤسسات الدولية والبحثية الكبرى التي تتوقع أن تنفرد مصر بتحقيق معدل نمو إيجابي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال فترة تفشي الوباء رغم تأثر كافة اقتصادات المنطقة بالتداعيات الكارثية التي خلفها فيروس كورونا المستجد.

وعلى الرغم من تزايد معدلات الفقر في العديد من بلدان العالم جراء انتشار جائحة كورونا، إلا أن برامج الحماية الاجتماعية التي اتخذتها الحكومة المصرية قد أدت للحد من هذا الأمر، إذ يوجد نحو 9% من الأسر المصرية تستفيد من برامج الحماية الاجتماعية للتحويلات النقدية مثل “تكافل وكرامة”، التي عملت الحكومة المصرية على توسيع مظلتها منذ مارس 2020، ووفقاً لدراسة أجراها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، خلال يونيو 2020، بلغت نسبة أولئك الذين فقدوا أعمالهم جراء انتشار فيروس كورونا وقرارات الإغلاق العام نحو 26%، وبلغت نسبة الأشخاص الذين أصبحوا يعملون لساعات أقل أسبوعياً منذ تفشي الوباء 55.7%.

ان الاجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية للحد من تداعيات تفشي فيروس كورونا دفعت العديد من المنظمات الدولية وفي مقدمتها البنك الدولي للإشادة بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لمواجهة المخاطر والتداعيات التي خلفها فيروس كورونا على الاقتصاد، وتحديداً تحركات البنك المركزي المصري وقيامه بإطلاق حزمة التحفيز البالغة قيمتها 100 مليار جنيه، أي حوالي 6.36 مليار دولار، وتوسيع قاعدة المستفيدين منها، كما نجحت الحكومة المصرية في الوصول إلى السوق العالمية من خلال جمع 5 مليارات دولار خلال مايو 2020، وتصريحات المسؤولين حول توافر الإمدادات الكافية من المواد الغذائية وسط الوباء.

المتأمل في الأوضاع الاقتصادية للدولة المصرية في وقتنا الراهن يدرك حجم الإنجاز والجهد المبذول للنهوض بالاقتصاد المصري والوصول به إلى بر الأمان، فبعد أن كانت الدولة المصرية غارقة في عدم الاستقرار السياسي خلال أوائل عام 2011، وكان اقتصادها عالقا بقوة في حالة ركود، تعافت البلاد بشكل مذهل بعد إصلاحات واسعة النطاق، ولدى مصر الآن العديد من المشروعات العملاقة التي تسير فيها وتيرة البناء على قدم وساق بما فيها العاصمة الجديدة، ووفقاً لمؤسسة ستاندرد تشارترد، فان مصر تقف الآن على عتبة القفز من المركز التاسع عشر إلى السابع من حيث أكبر اقتصاد على مستوى العالم، ما سيجعلها تحقق القفزة الأكبر عالمياً من حيث التقدم الاقتصادي، وخلال السنة المالية الماضية تسارع النمو إلى 5.6%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2010، وازدهر الاستثمار الأجنبي بشكل إيجابي في البلاد.

وفي تقرير جديد حول أحدث المستجدات الاقتصادية لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، توقعت مؤسسة ستاندرد تشارترد (Standard Chartered) أن يحقق الاقتصاد المصري قفزة نوعية غير مسبوقة بحلول العام 2030، إذ توقعت المؤسسة أن يصل حجم الاقتصاد المصري إلى ما بين 6.8 تريليون دولار، أي ما يعادل 5.5 تريليون جنيه إسترليني، و 8.2 تريليون دولار، نحو 6.7 تريليون جنيه إسترليني، مدعوما بالاستثمارات الأجنبية وزيادة عدد السكان بنسبة 30%، كما توقع صندوق النقد الدولي التعافي السريع للاقتصاد المصري على المدى المتوسط، ووصول معدلات النمو لأعلى مما قبل كورونا، وتراجع نسبة العجز الكلي للناتج المحلي إلى 5.2% خلال العام المالي (2022 – 2023)، و 3.8% بحلول العام المالي (2024 – 2025).

 ووفقاً لتقرير “الرصد المالي والنظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي” أشار وزير المالية المصري محمد معيط، إلى أن الموازنة العامة للدولة المصرية ستحقق فائضاً أولياً بمعدل مستدام يصل إلى 2% في المتوسط حتى عام 2025، ومن المتوقع، وفقاً لصندوق النقد أيضاً، ارتفاع إجمالي الإيرادات العامة للدولة بنسبة 20% حتى العام المالي (2024 – 2025).

وفي ظل الأزمات والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العديد من دول العالم، وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، وتراجع سلاسل الامداد، تحرص الحكومة المصرية على التعامل مع هذه الأزمات والحد من تداعياتها السلبية على الاقتصاد المصري، ولضمان استمرار عجلة الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب المصري في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، تحرص الحكومة المصرية على الاستمرار في اطلاق العديد من المشروعات الاقتصادية العملاقة ومشروعات البنى التحتية، ويمكننا القول أخيرًا أنه لولا الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها الدولة المصرية وأدت لتخفيض الدين بشكل كبير، لعانى الاقتصاد المصري بشكل كبير جراء هذه الأزمات العنيفة، كما أن برامج الحماية الاجتماعية في مصر والتي تشمل برنامج التكافل والكرامة للتحويلات النقدية وبرنامج تعويضات نقدية لمرة واحدة للعمّال غير الرسميين، قد أدت للحد من تداعيات الأزمات الراهنة.

قد يعجبك ايضا

4 تعليقات
  1. […] استطلاع لوكالة رويترز، أن الاقتصاد المصري سيشهد نموا خلال السنوات الثلاث المقبلة، مع تراجع […]

  2. […] رؤساء الغرف التجارية بالمحافظات المصرية .واضاف أن الاقتصاد المصري يمر حاليا بأحد أهم المراحل التنموية في تاريخه في ظل […]

  3. […] الدكتور رمزي الجرم: أنه لا يستطيع أحد إنكار أن الأزمات المالية المتتالية والمتصاعدة خلال الفترة الأخيرة، ابتداءً من […]

  4. […] الدكتور رمزي الجرم: أنه لا يستطيع أحد إنكار أن الأزمات المالية المتتالية والمتصاعدة خلال الفترة الأخيرة، ابتداءً من […]

اترك رد

أحدث الأخبار

1 من 4٬908

مراجعات

1 من 4٬908