مصر وتركيا من الشقاق إلى الوفاق

تشهد العلاقات الاقتصادية المصرية التركية تطور ملحوظ على مدار السنوات الماضية ، حيث تعتبر تركيا الشريك التجاري الأكبر لمصر بحجم تجارة بينية يسجل 5.8 مليار دولار بحسب بيانات قطاع التجارة الخارجية 2023، كما تعتبر تركيا الدولة الأكثر استيرادا من مصر بمستويات وصل 2.9 مليار دولار إذ قفز حجم الصادرات المصرية لتركيا بنسبة 28% خلال 2023، كما كانت تركيا حاضرة وبقوة في كافة المعارض التجارية التي يتم تنظيمها في مصر سواء بقطاع الملابس الجاهزة والغزل والنسيج والماكينات وغيرها من القطاعات، كما تشهد العلاقات الاستثمارية تطور واضح السنوات الأخيرة.

الميزان التجاري المصري التركي

كشفت بيانات وزارة التجارة والصناعة ، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ خلال عام 2023 نحو 5,875 مليار دولار حيث شهدت الصادرات السلعية المصرية إلى تركيا ارتفاعاً كبيراً وسجلت 2,934 مليار دولار مقارنةً بحوالي 2,288 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2022 بنسبة زيادة 28%، لتصبح تركيا أكبر مستقبل للصادرات المصرية خلال عام 2023 ومن أهم الشركاء التجاريين لمصر، وأن أبرز الصادرات المصرية للسوق التركي خلال عام 2023 شملت المنتجات الكيماوية والأسمدة، ومواد البناء، والغزل والمنسوجات، والسلع الهندسية والإلكترونية والملابس الجاهزة، والحاصلات الزراعية.

وأوضح المهندس أحمد سمير وزير الصناعة والتجارة ، أن الواردات السلعية من تركيا سجلت انخفاضاً ملموساً خلال عام 2023 حيث بلغت 2,941 مليار دولار مقارنةً بحوالي 3,573 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2022 وبنسبة انخفاض بلغت 17.68%، مشيراً إلى أن هذه المؤشرات الإيجابية ساهمت في تراجع عجز الميزان التجاري بين البلدين إلى 7 مليون دولار عام 2023 مقارنةً بنحو 1,285 مليار دولار خلال عام 2022.

وأشار الوزير إن مصر وتركيا ترتبطان بعلاقات ثنائية وطيدة تقوم على تحقيق المصلحة المشتركة لاقتصادي البلدين وللشعبين المصري والتركي على حد سواء، مؤكداً حرص الحكومة على جذب مزيد من الاستثمارات التركية للعمل بالسوق المصري والاستفادة من الخبرات الصناعية التركية المتطورة وكذا من فرص الاستثمار المتميزة المتاحة في مصر.

ونوه سمير أن الاستثمارات التركية في مصر تخطت 2.5 مليار دولار حتى نهاية إبريل 2023 ويتركز أغلبها في المجال الصناعي وخاصة قطاعات الغزل والمنسوجات والملابس الجاهزة، والمنتجات الكيماوية، والمنتجات الزجاجية، وإعادة التدوير، هذا بخلاف استثمارات كبيرة في مجال السياحة والمطورين الصناعيين، لافتا أن الفترة الأخيرة شهدت حراكاً كبيراً وإقبالاً من المستثمرين الأتراك على ضخ استثمارات جديدة بالسوق المصري لا سيما في ظل ازدهار العلاقات الثنائية بين البلدين مؤخرا ونشاط الزيارات الرسمية المتبادلة بين مسؤولي البلدين.

شركات تركية تتخذ مصر قاعدة تصديرية

ولفت الوزير إلى أن الاستثمارات التركية تعد من أهم الاستثمارات الأجنبية في السوق المصري وتعد الشركات التركية من أكبر الشركات الأجنبية مساهمة في الصادرات المصرية، سواء إلى تركيا أو الاتحاد الأوروبي أو إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لافتاً إلى أن الاستثمارات الصناعية التركية في السوق المصري أغلبها يتركز في مجال المنسوجات والملابس الجاهزة الكيماويات، والصناعات الزجاجية والاجهزة المنزلية التي توفر أكثر من 50 ألف فرصة عمل، إلى جانب قطاعات أخرى تشمل القطاع السياحي وقطاع البنية الأساسية.

وأضاف سمير أن الاستثمارات التركية تنتشر جغرافياً في مصر، وتتواجد أيضاً على مستوى المشروعات المتوسطة والصغيرة، والاستثمارات في قطاعات صناعية تتفوق فيها الشركات التركية مما ساهم في نقل التكنولوجيا والمعرفة الصناعية والتسويقية إلى مصر، وتنوع الاستثمارات في مختلف القطاعات.

اتفاق التجارة بين مصر وتركيا

وبحسب مذكرة العلاقات التجارية بين البلدين، تربط مصر وتركيا اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة وقعت عام 2005، ودخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2007 لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الدولتين على مدى فترة لا تزيد عن 12 سنة من تاريخ التصديق بموجب هذه الاتفاقية، تعفى الصادرات الصناعية المصرية لتركيا على الفور من الرسوم الجمركية ومن الرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل، إلى جانب تطبيق معدلات الخصم على قائمة معينة من المنتجات والتي تختلف خلال سنوات التشغيل حتى تصل إلى الإعفاء الكامل، ولا تقدم اتفاقية التجارة الحرة للصادرات الصناعية المصرية حق الوصول الكامل والفوري للسوق التركية الكبيرة فحسب، بل تُسهّل الوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي، من خلال دمج الصناعات التركية والمصرية وتمكين المصدرين المصريين من الاستفادة من تجربة تركيا في الاتحاد الأوروبي.

وتستهدف اتفاقية التجارة بين البلدين، إزالة القيود المفروضة على تجارة السلع بما في ذلك المنتجات الزراعية، و خلق بيئة مناسبة لجذب المزيد من الاستثمارات، وتوفير منافسة تجارية عادلة بين الدولتين، فضلا عن تسهيل الوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، كما أن اتفاقيات التجارة الحرة بين مصر وأفريقيا مثل اتفاقية الكوميسا تُسهّل الوصول إلى المستثمرين الأتراك.

وأعلنت وزارة الصناعة والتجارة بنهاية 2023 أنه خلال السنوات الخمس القادمة تعمل الدولتين على النهوض بحجم التجارة الثنائية من 10 مليار دولار حالياً إلى 20 مليار دولار مع بحث إمكانية استخدام العملات المحلية في التجارة الثنائية في الفترة المقبلة لخفض الطلب على الدولار في البلدين لمعانتهما من نقص الدولار.

اتحاد الغرف التجارية يتوقع زيادة التعاون الاستثماري والتجاري

قال مصطفى المكاوي عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية، إن العلاقات المصرية التركية شهدت تقاربًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث اتخذت البلدين خطوات إيجابية لتعزيز التعاون في مختلف المجالات خاصة الاقتصادية والتجارية والصناعية، مشيراً إلى أن وجود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وزيارته لمصر حدث كبير في هذا التوقيت للشعبين المصري والتركي، وهذا التقارب مفيد جدا للشعبين بين الرئيس السيسي ونظيره التركي.

وقال مصطفى المكاوي، إنه تعمل في مصر أكثر من 790 شركة تركية، بحجم استثمارات يقدر بنحو 2.5 مليار دولار، وتهدف مصر إلى جذب المزيد من الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، خاصة في مجال التصنيع، مشيراً إلى أن الشركات التركية تلعب دورًا هامًا في تنمية الاقتصاد المصري، حيث توفر فرص عمل جديدة وتساهم في نقل التكنولوجيا إلى مصر.

وكشف المكاوي، أن هناك العديد من الفرص لزيادة التعاون بين مصر وتركيا، منها التكامل الاقتصادي حيث يمكن للبلدين التكامل اقتصاديًا من خلال تعزيز التجارة والاستثمار، كما يمكن الاستفادة من نقل التكنولوجيا حيث تستطيع مصر الاستفادة من الخبرة التركية في مجال التصنيع ونقل التكنولوجيا، كما يمكن لمصر وتركيا التعاون في مجال الطاقة، خاصة في مجال استكشاف وإنتاج الغاز الطبيعي.

بروتوكولات تعاون القطاع الخاص

وقعت غرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات برتوكول تعاون مع الغرفة التجارية والصناعية فى مدينة بورصة التركية لتعزيز التعاون المشترك في مجالات تبادل الدراسات و الخبرات والمعلومات ودعم مناخ الاستثمار و التدريب و تنظيم المعارض و المؤتمرات المشتركة وتنمية العلاقات التجارية بين قطاع الملابس والمنسوجات في مصر وكذلك في تركيا.شهد توقيع البروتوكول المهندس أحمد سمير وزير الصناعة والتجارة والدكتور عمر بولات وزير التجارة التركى، الذى يزور القاهرة حالياً، وذلك على هامش ملتقى و معرض الصناعة في نسخته الثانية.

وقال الدكتور محمد عبد السلام رئيس غرفة صناعة الملابس ، إن البروتوكول يفتح مجال للعمل المشترك مع اتحاد الغرف التجارية التركية في إقامة معارض مشتركة في البلدين وتحقيق التكامل التجاري بما يحمله اتحاد الغرف التجارية التركية من خبرات طويلة ومتراكمة في مجال التجارة والصناعة.وأشار إلي أن هناك مميزات يمكن للمستثمرين الأتراك الاستفادة منها في مصر خاصة توافر العمالة بسعر أقل من تركيا وكذلك أسعار الكهرباء والغاز والطاقة وتوافر الأراضي الصناعية في مصر بأسعار أقل من تركيا وهو ما يسمح بدخول استثمارات في قطاع الملابس الجاهزة والنسيج والغزول إلي مصر ما يجعل تكاليف الاستثمار والتصنيع في مصر أقل بكثير.

ومن جانبه قال إبراهيم بوركاي رئيس الغرفة التجارية الصناعية في مدينة بورصة ونائب رئيس اتحاد الغرف التجارية و الصناعية التركية، إن وفد كبير يضم أكثر من 30 شركة تركية زار مصر اكتوبر الماضي لبحث فرص الاستثمار في السوق المصري بعدد من القطاعات منها قطع غيار السيارات والملابس وماكينات التصنيع والصناعات الهندسية والإلكترونية والغزول والمنسوجات.وهو ما يؤكد رغبة الدولتين لتعزيز أوجه التعاون الاقتصادي و التجاري المشترك، وأوضح أن البروتوكول مع القطاع الخاص المصري يستهدف تدعيم وتشجيع الاستثمارات التركية في مصر ، ونستهدف 3 قطاعات الأول الملابس والمنسوجات والأقمشة والثاني قطاع السيارات والثالث قطاع الصناعات الهندسية.

منطقة صناعية تركية للسيارات والآلات في مصر

عقد المهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة لقاءً مع إبراهيم بوركاي رئيس الغرفة التجارية الصناعية في مدينة بورصا ونائب رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية التركية لبحث خطة الغرفة لإنشاء منطقة صناعية تركية في مصر، حضر اللقاء الوزير المفوض تجاري/ يحيي الواثق بالله رئيس التمثيل التجاري.

وقال الوزير إن الغرفة ترغب في إقامة هذه المنطقة في مصر على غرار المنطقة الصناعية القائمة في مدينة بورصا والمتخصصة في مجالات المنسوجات والسيارات والألومنيوم والآلات والمعدات والتكنولوجيات المتقدمة، لافتاً إلى أن الغرفة تسعى للاستفادة من المزايا الكبيرة التي يتيحها الاستثمار بالسوق المصري مثل الموقع الجغرافي المتميز والحوافز المقدمة من الدولة للاستثمار ومصادر الطاقة المتوفرة ذات الأسعار التنافسية.

وأوضح سمير أن الغرفة تستهدف أن تكون هذه المنطقة محوراً تصديرياً من مصر لأسواق أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والخليج العربي وأسواق شمال إفريقيا لا سيما وأن مصر ترتبط بهذه الأسواق باتفاقيات تجارة حرة تسهم في النفاذ السريع للمنتجات التركية لهذه الأسواق، لافتاً إلى أن هذه المنطقة ستكون جاذبة لمختلف المستثمرين الأتراك المهتمين بضخ استثمارات بالسوق المصري.

وأشار الوزير إلى أنه جاري حالياً دراسة الإمكانيات المتاحة أمام الغرفة لإقامة هذه المنطقة الصناعية واختيار المنطقة الجغرافية الملائمة لاحتياجات ومتطلبات الشركات أعضاء الغرفة التجارية بما يسهم في توفير التكلفة وتحقيق أقصى استفادة للشركات.

ومن جانبه أوضح إبراهيم بوركاي رئيس الغرفة التجارية الصناعية في مدينة بورصا ونائب رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية التركية أن الغرفة تعد أكبر غرفة تجارية وصناعية في تركيا وتضم 55 ألف عضو وتشكل الصناعة نحو 50% من أنشطتها، لافتاً إلى أن حجم استثمارات المنطقة الصناعية بمدينة بورصا التركية تبلغ 25 مليار دولار وذلك على مساحة 10 مليون متر مربع.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

أحدث الأخبار

1 من 4٬987

مراجعات

1 من 4٬987