الدكتور كمال الدسوقي يكتب: الدروس المستفادة من الحروب والكوارث

الدكتور كمال الدسوقي
الدكتور كمال الدسوقي

بداية من ٢٠١٩ تعرضت الكرة الأرضية لأكبر كارثه وبائية ومرضية على الإطلاق تسببت فى وقف النشاط البشرى على وجهه الكوكب بصورة شبه كامله لمدة تجاوزت اكثر من عامين، وقضى نحبه عدد كبير من البشر وأصيب باقي سكان الكوكب تقريبا بالمرض اللعين covid-19، وسواء كان الفيروس طبيعيا او تخليقيًا، فانه مثّل كارثه كبرى دمرت العالم صحيا واقتصاديا ونفسيا، وقد قُدرت حجم الأضرار الناجمة عن الوباء بنحو 3.5 تريليون دولار، ووفقًا لإحصائيات البنك الدولي، انخفض متوسط دخل الـ 40% الأشد فقرا من السكان في توزيع الدخل العالمي خلال 2021 بنسبة 6.7% عن توقعات ما قبل الجائحة، وفي 2021، بلغ إجمالي من يعيشون على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم نحو 97 مليون شخص بسبب الجائحة، مما رفع معدل الفقر العالمي من 7.8% إلى 9.1%؛ ولم تكن مصر بمنأى عن أزمة كورونا وتداعياتها السلبية، إذ أثرت الجائحة بشكل مباشر على صحة وحياة المواطنين، وعلى مختلف القطاعات الاقتصادية وبيئة الأعمال، كما تأثرت كذلك سلاسل الإمداد والتوريد للعديد من السلع والبضائع.

وما ان بدأ العالم في التغلب على جائحة كورونا والحد من تداعياتها، حتى اندلعت حرب شعواء مدمرة بين دولتين تربطهما علاقات مصاهرة ونسب وشعب من أصل واحد، وهما اوكرانيا وروسيا، وأيا كان أسباب هذه الحرب ومبررات اندلاعها، إلا أن الإنسانية خسرت القلة الباقية من قوتها وغذاءها وطاقتها التي كانت بمثابة طوق النجاة الوحيد لاستمرار الحياة لملايين البشر خاصه من الدول والبلدان النامية، وهذه الكارثة وضعت العالم أجمع أمام مأساة انسانيه كبيرة، وهذا يتطلب منا التعاطي مع كافة هذه الكوارث والحروب والأزمات بجدية تامة، كما يجب علينا تعلم الدروس المستفادة منها، واعتقد اننا قادمون كرها لا طوعا على تغيرات كبيرة سياسية واقتصادية وجب التحذير والاستعداد لها.

ولأننا جزء من هذا العالم المليء بالحروب والأزمات، ونتأثر بتداعياتها السلبية ونتضرر كثيرًا منها، كان من الضروري على دول المنطقة السعي لإنشاء حلف اقتصادي جديد يضم كافة دول المنطقة ويحقق الأمن الاقتصادي للشعوب ويحد من التداعيات السلبية للأزمات الدولية، ولأن مصر هي قلب المنطقة النابض، فإنه يتعين على قيادتها السياسية الاستعداد لقيادة هذا الحلف الاقتصادي للاعتماد على أنفسنا فى الإنتاج بكل أنواعه وتوفير غذاءنا اولًا، ومن ثّم التوجه لتوفير باقي المنتجات الرئيسية من الإبرة للصاروخ.

لقد استعرضنا كثيرًا، وهذا من حسن الحديث الذي يُكرر، العديد من تجارب الدول الكبرى للنهوض بالصناعة وتحقيق معدلات اقتصادية قوية، خاصة في كتابنا “الصناعة مفتاح الـ 100 مليار دولار“، وتبين لنا بعد استعراض هذه التجارب، والتي لن نكف عن استعراضها والاستفادة من دروسها في مؤلفات ودراسات لنا قادمة إن قدر الله ذلك، أن الاقتصاد هو الذى يقود الى السيطرة السياسية والعسكرية التي تحمى مصالح الدول، وهذا درس هام ينبغي علينا تعلمه، وعليه. لابد لنا من إعادة بناء الانسان الذى يستطيع بناء الحضارة، فدون ذلك سيصبح وضعنا أشد صعوبة.

وفي الختام، اتمنى ان يعي مجتمعنا مخاطر وتحديات المرحلة من أجل الخروج منها بأقل الخسائر، وهناك مسؤولية كبيرة لا شك على الحكومة، التي بالرغم من ثقتنا الكبيرة في خبراتها ووعيها بتحديات المرحلة، إلا أن نجاحها في العبور بنا إلى بر الأمان رهن تكاتف كافة فئات الشعب معها، إذ لا يمكن للحكومة النجاح بمفردها، فالشعب عليه أن يتحمل مسؤولية الاصرار على العبور من هذه الأزمة إلى المستقبل الأفضل بالاعتماد على نفسه فى تطوير حياته ومنتجاته ومقدراته ليصبح قوة اقتصاديه كبيرة، كما ينبغي على حكومتنا، وهذا تمنى من محب مخلص، ضرورة الشفافية والمصارحة والمشاركة فى كل التحديات حتى تُنجز المهمة، والله أسأل أن نتعلم ونستفيد من الدروس التي تكون فى بعض الاحيان قاسية، لكن يومًا ما ستنتهي هذه الحروب والكوارث وينتصر فيها من تعلم الدرس جيدًا.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

أحدث الأخبار

1 من 4٬933

مراجعات

1 من 4٬933