الخبير الاقتصادي والمصرفي رمزي الجرم يكشف أثار الأحداث العالمية علي الاقتصاد المصري

الخبير الاقتصادي والمصرفي رمزي الجرم

قال الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور رمزي الجرم: أنه لا يستطيع أحد إنكار أن الأزمات المالية المتتالية والمتصاعدة خلال الفترة الأخيرة، ابتداءً من أزمة كورونا، التي كان لها انعكاسات سلبية على كافة الاقتصادات العالمية على اختلاف أيديولوجيتها السياسية والاقتصادية، ولكنها كانت الأشد، على اقتصاديات الأسواق الناشئة، ومن بينها الاقتصاد المصري؛ على الرغم من أن الاقتصاد المصري أثناء ذروة أزمة كورونا كان قد حقق أعلى معدل نمو إيجابي بين طائفة الاقتصادات الناشئة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بفضل الإصلاحات المالية والهيكلية للاقتصاد المصري، من خلال تبني برنامج طموح للإصلاح الاقتصادي منذ عام 2016.

وأضاف أن الأزمات العديدة التي شهدها الاقتصاد العالمي؛ قد أفقدت أقوى الاقتصادات العالمية صوابها، فقد كانت اقتصادات الدول الأوربية، في مرمى تلك الأزمات، وبشكل خاص، الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي كانت تأثيرها ينصب بشكل أساسي على نقص الإمدادات من النفط والغاز الطبيعي اللازم لتشغيل عجلة الإنتاج.

وعن سؤله عن مستقبل الاقتصاد المصري صرح: أنه في ظل التوترات الجيوسياسية والاقتصادية على المشهد العالمي، سنجد أن الاقتصاد المصري، ظل صامداً أمام كل تلك الأزمات بشكل غير مسبوق؛ ولكن إطالة أمد الأزمة الجارية، ألقت بظلالها على ظهور أزمات نقدية في أول الأمر، تَبدى ذلك، في إجبار صانعي السياسية الاقتصادية والمالية والنقدية في البلاد على تخفيض العملة المحلية أمام العملات الأجنبية الأخرى، وطرح منتجات مصرفية بعائد دائن يصل إلى معدل 18% في الحادي والعشرين من مارس الماضي، بعد قيام الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة الأمريكية بواقع 50 نقطة أساس، مع سلسلة أخرى من رفع أسعار الفائدة الأمريكي، قد تستمر إلى نهاية العام الجاري، كأحد الآليات لسحب الكتلة النقدية الزائدة في الأسواق، لتتناسب مع قدرة الجهاز الانتاجي، فضلاً عن زيادة جاذبية أسعار الفائدة في السوق المصري، للحد من خروج المزيد من استثمارات  الأموال الساخنة في أدوات الدين المختلفة.

وصرح في تصريحات خاصة لموقع “اقتصادنا“: الأزمة أدت إلى هروب ما يقرب من 20 مليار دولار في الأشهر الأربع الأولى من بداية العام الحالي، بالإضافة إلى انتهاز فرصة تخفيض العملة المحلية، والتي جاءت جبرا، في زيادة الطاقة التصديرية، نتيجة الأسعار التنافسية للمنتجات المصرية المخصصة للتصدير، من وجهة نظر المستورد الأجنبي، ثم امتدت الأزمة النقدية، لتُحدث المزيد من الأزمات المالية الأخرى، والتي وصلت ذروتها بارتفاع جنوني لأسعار النفط والغذاء، وبشكل خاص القمح، على خلفية أن مصر تُعد الأولى عالميا في استيراد القمح، مما خلق فجوة إضافية تقدر بنحو 7.2مليار دولار في استيراد النفط، ونحو 3 مليار دولار في القمح.

 كما أن تلك الأزمات، أدت إلى انخفاض قيمة الاحتياطات الدولية طرف البنك المركزي، بمعدل 19%، ليستقر عند مستوى 33.14 مليار دولار، والذي قد يكفي لاستيراد نحو 5 شهور من السلع الأساسية والاستراتيجية لمصر.

وأشار “الجرم” : إلي أن الأمر لم يقف عند حدود كفاية قيمة الاحتياطيات الدولية لتغطية فاتورة استيراد  السلع الأساسية؛ ولكن الأمر أصبح مشوب بالمزيد من القلق إزاء التطورات الاقتصادية على الساحة العالمية، حال استمرار الأزمة الحالية، والذي يتبدى في عدم وجود مصادر كافية لاستعادة أي فقد في الاحتياطي النقدي، بعد تعطل سلاسل الإمداد، وتصاعد ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وانخفاض دوران عجلة الإنتاج بشكل ملحوظ، مع ارتفاع قيمة الديون الخارجية وفوائدها، في ظل شروط قاسية من صندوق النقد الدولي.

وأكد الخبير المصرفي : أن القرض الذي تقدمت به مصر مؤخراً، والذي يعتبر طوق النجاة لأي اقتصاد، من منطلق أنه من طائفة التمويل السريع منخفض الفائدة والحقيقة، وأن الأمر أصبح أكثر إلحاحاً، لتبني المزيد من السياسات والإجراءات التي تدعم زيادة الإنتاج، والاعتماد على المنتج المحلي بشكل كبير، وتقليص فاتورة الاستيراد، واقتصار الاستيراد على تلك السلع التي ليس لها بديل محلي، مع العمل على زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خصوصا في تلك الصناعات التي تنتج منتجات الواردات، من أجل الحفاظ على أرصدة الاحتياطيات النقدية، مما يدعم زيادة عرض الدولار الأمريكي، والذي يترتب عليه دعم استقرار سوق الصرف الأجنبي بشكل حقيقي، والعمل على حل مشاكل الشركات والمصانع المتعثرة بشكل سريع، وإعادة جدولة ديونها، وتنفيذ حزم تشجيعية عن طريق المزيد من الإعفاءات الضريبية، فضلا عن زيادة دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي بشكل أسرع، حتى يتم تعويض التقلص الذي أصاب عجلة  الإنتاج، مما سيؤدي إلى زيادة قيمة الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الحصيلة الضريبية والتصدرية.

على جانب آخر وثيق الصلة، يتعين على المواطنين التكاتف وراء جهود الدولة نحو ترشيد استهلاك المرافق العامة، بل لابد وأن يكون الترشيد أسلوب حياه في كافة الأمور، وفي كافة الأوقات، من أجل الخروج من النفق المظلم، وبناء دولة عصرية حديثة، على غرار ما يحدث في المجتمعات المتقدمة، والذي زادت حدته مع حدوث أزمة النفط والغذاء بسبب الأزمة الجارية.

قد يعجبك ايضا

2 تعليقات
  1. […] وطباعة النقد وإدارة مديونيات الدولة.واستقرار الجهاز المصرفي الذى يعد أهم قطاعات الدولة المصرفية الاقتصادية حاليًا […]

  2. […] ذات السياق ترى مصادر لها علاقة بالسوق المصرفي، أنه يمكن الاستعانة بهشام عكاشة لمنصب محافظ البنك […]

اترك رد

أحدث الأخبار

1 من 4٬928

مراجعات

1 من 4٬928